المستوطنات

المستوطنات

ملخص

ما تزال دولة الاحتلال تستعمر الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال نقل أجزاء من سكّانها اليهود إلى الضفة الغربية بصورةٍ منهجيةٍ ومنظّمة، وهو ما يشكل خرقًا وانتهاكًا للقانون الدولي. وفي هذه الأيام، يقطن ما يزيد عن نصف مليون مستوطنٍ في المستوطنات المقامة على أراضينا التي استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلية دون وجه قانوني في الضفة الغربية. ومن بين هؤلاء المستوطنين، يسكن ما يربو على 190,000 مستوطنٍ يهوديٍّ في القدس الشرقية وفي المناطق المحيطة بها. وتتفاوت المستوطنات في حجمها بين مستوطناتٍ وليدةٍ أو “بؤرٍ” استيطانية تتألف من عدد قليل من البيوت المتنقلة ومستوطنات تشكل مدنًا كاملةً تؤوي عشرات الآلاف من المستوطنين.

وتتمثل الغاية من المشاريع الاستيطانية التي تنفذها دولة الاحتلال وأثرها في تغيير وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة من الناحيتين المادية والديموغرافية بهدف الحيلولة دون عودتها إلينا. كما تسعى دولة الاحتلال عبر إقامة المستوطنات إلى وضع يدها على أراضينا ومواردنا الطبيعية بصورةٍ غير قانونية، وذلك في ذات الوقت الذي تعمل فيه على عزل أبناء شعبنا في جيوبٍ تفتقر إلى القدرة على البقاء وتشهد تقلّصًا متواصلاً في مساحتها، ناهيك عن فصل القدس الشرقية عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقطع التواصل الجغرافي بين تجمعاتنا السكانية وتقييد قدرة اقتصادنا الوطني على البقاء والنماء. وعلاوةً على ذلك، تفرض المستوطنات أكبر تهديدٍ على الإطلاق أمام إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة.

استعمار الأراضي الفلسطينية المحتلة

لقد تبنت حكومة الاحتلال جملةً من التدابير التمييزية التي تستهدف تعزيز مشاريعها الاستيطانية وتوطيدها. فحكومة الاحتلال تستقطب المستوطنين وتشجعهم على الإقامة في المستوطنات من خلال مجموعةٍ متنوعةٍ من الحوافز التي تقدّمها لهم، بما تشمله من إعانات السكن، وتخفيضات ضريبة الدخل، ورصد الموازنات الضخمة للمستوطنات والمنح المخصّصة لدعم مشاريع الأعمال فيها. وقد أفضت هذه الحوافز المادية إلى زيادة أعداد المستوطنين بوتيرةٍ متسارعةٍ في المستوطنات – حيث وصل تعدادهم في بعض الحالات إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف معدّل النمو السكاني في دولة الاحتلال نفسها.

وفضلاً عما تقدّم، تستفيد المستوطنات من الاستثمارات الضخمة التي تضخها دولة الاحتلال في مشاريع شقّ الطرق وفي غيرها من مشاريع البنية التحتية. فالطرق المخصّصة لاستخدام المستوطنين، والتي تُعرَف بالطرق ‘الالتفافية’ الاستيطانية، تربط المستوطنات مع بعضها البعض ومع دولة الاحتلال. وبالنسبة لأبناء شعبنا، الذي تفرض سلطات الاحتلال القيود على سفرهم على هذه الطرق بل وتحرمهم من استخدامها في بعض الحالات، تشكّل الطرق الالتفافية الاستيطانية شبكةَ من الحواجز والعقبات المادية التي تنتشر في جميع أنحاء الضفة الغربية وتقطع أوصالها.

كما تفرض دولة الاحتلال القيود – أو ما يُعرف بـ’نظام الإغلاق’ – على حركتنا وتنقلنا من خلال إقامة المئات من الحواجز العسكرية والعراقيل المادية الأخرى. وبالتوازي مع الحرية التامة التي تكفلها سلطات الاحتلال للمستوطنين في حركتهم وسفرهم، تتسبّب هذه الشبكة من العوائق المادية في فرض قيودٍ مشدّدةٍ على حركة أبناء شعبنا وتنقلهم، كما تعمل على عزل تجمعاتنا السكانية عن بعضها البعض وتحول دون توسعها العمراني، وتحدّ من قدرتنا على الوصول إلى أراضينا الزراعية ومواردنا الطبيعية وتقوّض التواصل الجغرافي الطبيعي بين مناطقنا.

إن وجود المستوطنات والمستوطنين اليهود يشكّل المصدر الأساسي لانعدام الاستقرار والاستياء في أوساط شعبنا. وقد ثبت على مدى سني الاحتلال لأرضنا أن المستوطنات تمثل أحد العوامل التي تُذكي نار الصدامات والاشتباكات بين أبناء شعبنا والمستوطنين المسلحين الذين يقطنون فيها. وبالإضافة إلى الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والمآسي الإنسانية التي تفرزها المستوطنات، لا يتوانى المستوطنون والجنود المكلفون بحمايتهم عن مهاجمة أبناء شعبنا والاعتداء عليهم والتعرض لهم بشتّى صنوف الإهانات والمضايقات.

Error: SSL certificate problem: self signed certificate